تعبد الله - عز وجل - بخلق التواضع وترك الكبر والتعالي على الخلق

 

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: «إن التواضع يتولد من بين العلم بالله سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت جلاله وتعظيمه ومحبته وإجلاله، ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها وعيوب عملها وآفاتها.

 

فيتولّد من بين ذلك كلِّه خلقٌ هو التواضع؛ وهو: انكسار القلب لله؛ وخفض جناح الذلِّ والرحمة بعباده، فلا يَرى له على أحدٍ فضلاً؛ ولا يَرى له عند أحدٍ حقًا، بل يرى الفضل للناس عليه؛ والحقوق لهم قِبَلَه، وهذا خُلقٌ إنما يُعطيه الله - عز وجل - من يُحبُّه ويُكرمه ويُقرِّبه» (مدارج السالكين 2/292).

 

عن جبير بن نفير أن نفرًا قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «والله، ما رأينا رجلاً أقضى بالقسط، ولا أقول بالحق، ولا أشد على المنافقين منك يا أمير المؤمنين، فأنت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال عوف بن مالك: كذبتم والله، لقد رأينا خيرًا منه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: من هو يا عوف؟ فقال: أبو بكر؛ فقال عمر: صدق عوف، وكذبتم؛ والله لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك، وأنا أضل من بعير أهلي» (تاريخ بغداد 5/134).

 

وعن يونس بن عبيد: «أن الحسن سئل عن القائلين في المسجد، فقال: رأيت عثمان بن عفان يقيل في المسجد، وهو يومئذ خليفة؛ قال: ويقوم، وأثر الحصى بجنبه؛ قال: فيقال: هذا أمير المؤمنين، هذا أمير المؤمنين» (حلية الأولياء 1/60).

 

وعن مَعْمر، عن أيوب، عن نافع، أو غيره، أن رجلاً قال لابن عُمر: « يا خيرَ الناس، أو ابنَ خيرِ الناس، فقال: ما أنا بخير الناس، ولا ابن خير الناس، ولكني عبدٌ من عباد الله، أرجو الله، وأخافُه، والله لن تزالوا بالرجل حتى تُهِلكُوه» (سير أعلام النبلاء 3/236).

 

«ومر الحسن على صبيان معهم كِسرَ خبز، فاستضافوه، فنزل فأكل معهم، ثم حملهم إلى منزله، فأطعمهم وكساهم، وقال: اليد لهم، لأنهم لا يجدون شيئًا غير ما أطعموني، ونحن نجد أكثر منه» (صفة الصفوة 3/248).


العودة