عبودية الإجلال والتعظيم والأدب مع الله عز وجل

 

قال هرم بن حيان لأويس القرني: أوصني. قال: توسّد الموت إذا نمت، واجعله نصب عينيك، وإذا قمت فادع الله أن يصلح لك قلبك ونيتك، فلن تعالج شيئًا أشد عليك منهما؛ بينا قلبك معك ونيتك إذا هو مدبر، وبينا هو مدبر إذا هو مقبل، ولا تنظر في صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت (صفة الصفوة 3/55).

 

وقال سليمان بن عبد الملك: «يا أبا حازم أوصني. قال: نعم، سوف أوصيك وأوجز: نزّه الله تعالى وعظّمه أن يراك حيث نهاك، أو يفقدك حيث أمرك. ثم قام، فلما ولى قال: يا أبا حازم هذه مائة دينار، أنفقها، ولك عندي أمثالها كثير، فرمى بها وقال: والله ما أرضاها لك فكيف أرضاها لنفسي، إني أعيذك بالله أن يكون سؤالك إياي هزلاً وردّي عليك بذلاً» (حلية الأولياء 3/234).

 

وقال أبو حفص: «حسن الأدب في الظاهر عنوان حسن الأدب في الباطن، فالأدب مع الله حسن الصحبة معه، بإيقاع الحركات الظاهرة والباطنة على مقتضى التعظيم والإجلال والحياء. كحال مجالس الملوك ومصاحبتهم» (مدارج السالكين 2/376).

 

وكتب عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى - إلى بعض عمّاله: «أما بعد، فقد أمكنتك القدرة من ظلم العباد، فإذا هممت بظلم أحد فاذكر قدرة الله عليك، واعلم أنك لا تأتي إلى الناس شيئًا إلا كان زائلاً عنهم باقيًا عليك، واعلم أن الله - عز وجل - آخذٌ للمظلومين من الظالمين والسلام»(إحياء علوم الدين 4/55).

 

وقال الباجي: «خرج السلطان أيوب في يوم العيد في أبهة الملك، وأخذت الأمراء تقبل الأرض، فالتفت إليه الشيخ العز بن عبد السلام وناداه يا أيوب، ما حجتك عند الله إذا قال لك: ألم أبوئ لك ملك مصر ثم تبيح الخمور؟

 

فقال السلطان: هل جرى هذا؟

 

قال العز: نعم وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة؛ يناديه بأعلى صوته والعساكر واقفون.

 

فقال السلطان: يا سيدي، هذا أنا ما عملته، هذا من زمان أبي.

 

فقال العز: أنت من الذين يقولون: إنا وجدنا آباءنا على أمة؟!

 

فأمر السلطان بإبطال تلك الحانة.

 

فسأله الباجي: أما خفته؟ قال العز: والله يا بني، استحضرت هيبة الله تعالى، فصار السلطان قدامي كا....»(طبقات الشافعية 8/211، 212).


العودة